قالوا: وأما في حق الصبي فأهلية الوجوب في حقه موجودة بوجود الذمة إلا أن الصبا مما يمتد فصار الصبا عذراً مسقطاً للوجوب لئلا يحرج الصبي في القضاء بعد القدرة والبلوغ، فصار سقوط الوجوب/ عن الصبي بدلالة أخرى.
قالوا: ونحن لا ننكر أن يسقط الوجوب بعد وجود السبب والأهلية بدليل آخر.
الجواب:
أنا بينا أن الوجوب بخطاب الشرع هذا هو محز الكلام ومفصل الخصام وقد دللنا عليه.
يدل عليه: أن هذه الأسباب قد كانت ولا وجوب أن بالخطاب وجبت العبادات.
يبينه: أن هذه العبادات ما عرفت واجبة إلا بخطاب الشرع فكيف يقال إنها لم تجب بخطاب الشرع؟ لكن خطاب الشرع وجد عقيب هذه الأسباب فصارت هذه الأسباب علامات وأمارات للوجوب بخطاب الشرع، وأيضاً فإن العبادات في الابتداء لا تجب على من لم يبلغه الخطاب وهو الذي أسلم في دار الحرب ولم يهاجر إلينا، ولو كان الوجوب بوجود الأسباب دون الخطاب لوجبت عليه العبادات، وهذا حرف معتمد، فإن البلوغ شرط الوجوب، والمجنون لا يتصور بلوغ الخطاب إليه، لأنه ليس في نفسه بأهل معرفة الخطاب.