أما التعلق باللزوم بالنذر ففي غاية الضعف، لأن النذر التزام. وأما الشروع فليس بالتزام إنما هو مجرد مباشرة الفعل فلا يدل اللزوم بالالتزام على اللزوم بالمباشرة، لأن الالتزام إذا صح شرعاً اقتضى اللزوم فإن ما صح شرعاً صح بمعناه ومعناه اللزوم. فأما المباشرة المطلقة شرعاً فنهاية ما تقتضيه هو الصحة شرعاً ولا جرم.
قلنا: هو صحيح، فأما لزوم ما يفعله فليس يدل عليه الشروع بحال.
يبينه: أن النذر ما لم يلاق جميع اليوم لا يظهر في اليوم حكم النذر فكذلك الشروع ما لم لا يلاق جميع اليوم وجب أن لا يظهر فيه حكم المباشرة وذلك بأن يتم صوم جميعه.
وأما قولهم:(بأن العزيمة تدل على الإيجاب)).
قلنا: لا يدل، لأنه عزم أن يفعل، والعزم لا يوجب شيئاً كما لو عزم أن يصلي كذا ركعة أو يصوم كذا يوماً، وقد قال صلى الله عليه وسلم:((إن الله عفا عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به)).
والعزائم موضوعة من العباد فضلاً من الله تعالى ورحمة، وإنما الأحكام مبنية على أقوالهم وأفعالهم، وهذا لأنه يجوز أن يقصد فعل شيء ولا يفعله، كما يجوز أن يفعل شيئاً ثم يتركه، فلا يدل العزم على وجوب المعزوم عليه، كما لا يدل الفعل على وجوب المفعول.
وأما قولهم:((إن إبطال العبادات لا يجوز والذي فعله من صوم بعض النهار عبادة)).