قلنا: يجوز أن يقال إن عبادة الصوم لا توجد إلا بعد إتمام اليوم والكلام في عبادة هو صوم، وهذا كمن أخرج الدراهم من صندوقه أو كيسه بنية الصدقة وقال للفقير: تصدقت بها عليك، فإن هذه عبادة وطاعة ولكن لا يلزم به شيء، لأنه إنما يصير عبادة الصدقة إذا وصل إلى الفقير، كذلك ههنا إنما تصير عبادة الصوم إذا أتم صوم اليوم فعلى هذا يكون المفعول من إمساك بعض اليوم موقوفاً فإن أتم اليوم يكون صوماً وإلا لمن يكن صوماً، وهذا الجواب إنما يمكن تمشيته جدالاً لا تحقيقاً لأن فعل الصوم منه موجود، وكيف لا يكون فاعلاً للصوم حقيقة وهو مأمور به وإذا لم يكن صوماً في الحال لا ينقلب صوماً في باقي الحال، نعم يجوز أن يقال: ليس بصوم تام، وإنما يتم بتمام جميع النهار.
والمعتمد من الجواب أن هذا ليس بإبطال بل هو ترك لفعل الصوم في المستقبل وله ذلك كما في الابتداء.
وأما بطلا ما فعله فليس بإبطاله إنما يبطل حكماً، لأن الشرع لم يقبل صوم بعض اليوم بحال فبطل هذا لإبطاله، ويقال أيضاً: المفعول نفل فحفظه لا يزيد على درجة الأصل فإذا لم تكن لأصله درجة سوى الاستحباب فكذا بحفظه.
ونحن نقول: إنه يستحب له أن لا يبطل صومه كما يستحب له فعله في الابتداء.
وأما وجوب حفظه، فساقط كما سقط في الابتداء وجوب فعله والأول أولى، وأما الصوم المظنون فلازم.