قلنا: كل الأشياء بمنة من الله تعالى إلا أن الصوم حاصل له بفعله، لأنه لا يتصور حصوله بغير فعله، وإذا حصل بفعله فوجب أن يكون فعله موجباً عليه الصوم على ما قلتم في صوم النفل ابتداء ثم فصل الحج داخل على عذرهم.
وقولهم:((إنه نادر في الحج)).
قلنا: وهو نادر أيضاً في الصوم.
وأما فصل الحج الذي قاسوا عليه.
قلنا: الفرق بالمظنون صحيح، ولا عذر لهم يصح عنه أصلاً.
وأما من حيث المعنى فوجه العذر عنه أن الحج عبادة لازمة شرعاً بدليل أنه إذا دخل فيه لم يجز له الخروج عنه إلا بطريق مخصوص، وذلك الطريق هو بفعل الأفعال المعهودة فإذا فعلها على الفساد جعل كالعدم فيلزمه أن يأتي مثلها صحيحاً شرعاً ليخرج عن ما لزمه شرعاً، وذلك بأن يأتي بها بإحرام جديد، لأن الإحرام قد فسد، والمبتنى عليه فاسد والخروج بالفاسد كان لضرورة إذ لم يخرج بالفاسد لبقى فيه أبداً فحكم بخروجه بما فعله من الأفعال على وصف الفساد للضرورة ولم يسقط الأمر بالخروج بالأفعال الصحيحة بإحرام صحيح فلزمه استئناف الإحرام وفعل الأفعال على وجه الصحة ليخرج على موجب الشرع وقضيته.
فهذا هو وجه الجواب عن الحج.
وأما الصوم فليس بلازم شرعاً، وليس فيه دليل على اللزوم بوجه ما على ما سبق.