والدليل على أنهما لا ينعقدان أن الإحرام ركن من أركان الحج فلم يتصور الجمع بين ركنين من الحج كما لا يجوز الجمع بين وقوفين وطوافين، وكذلك لا يصح الجمع بين حجتين في سنة واحدة أداءً أو قضاءً.
وأما أبو حنيفة رحمة/ الله عليه وأبو يوسف قالاً: الإحرام التزام للحج فيصح الجمع فيه بين حجتين.
دليله: النذر.
يبينه: أن فساد الجمع بين الحجتين إنما هو لأجل الأداء فإن الله تعالى ما شرع أداء حجتين في سنة واحدة من واحد بحال، كما لم يشرع أداء صومين في يوم واحد بحال فإذا كان الفساد للأداء والأداء ينفصل عن الإحرام لتعذر الأداء، كما لو أحرم ليلة عرفة بالكوفة أو بأقصى خراسان فإنه عاجز عن أداء الحج في هذه الصورة ومع ذلك ينعقد إلا أن العجز في هذه الصورة من حيث عجز العبد عن إدراك الحج وفعله، والعجز في مسألتنا من حيث أن الشرع لم يجعل له أن يجمع أداءين في وقت واحد فإذا كان العجز في أحد الموضعين لا يمنع الانعقاد كذلك في الموضع الآخر.
قالوا: وليس كما لو جمع بين أختين حيث لا ينعقد واحد من النكاحين، لأن مسألتنا مخالف لهذه المسائل بدليل أن في مسألة النكاح لا ينعقد واحد من النكاحين، وفي مسألتنا انعقد إحدى الجهتين بلا خلاف فوجب أن ينعقد الآخر، لأنه لو بطل الانعقاد كان يبطل فيهما.
ثم قالوا: النكاح إيجاب ملك محلل وما له حكم غير ذلك، وهذا الحكم فائت إذا جمع بين الأختين، لأن الجمع فائت شرعاً لا يثبت بحال مثل ما يفوت في الخمس من الأجنبيات، والعقد لا ينعقد إلا لحكمه فلا ينعقد إذا تحققنا فوات حكمه.