للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن العبد متعين لفعل العبادة حقاً لله تعالى، إما فرضاً أو نفلاً، فلا يتصور مع كونه فاعلاً فعل العبادة أن يكون فاعلاً عن غيره بخلاف بناء الرباط والمساجد، لأن فعلها في ذاته ليس بعبادة عن الفاعل، بدليل أنه يجوز منه وإن لم يكن من أهل العبادة مثل أن يكون الأجير كافراً.

قالوا: وأما قولكم: ((إن النيابة صحيحة)).

فالقياس أن لا يصح، لأنه عبادة بدنية على ما ذكرنا، ولكن الشارع جوز ذلك لما فيه من المال، لأن الحج لا يتأدى إلا بنفقة فأخذ شبهة الزكاة من هذا الوجه حتى إذا استعان برجل ليحج عنه ولم يعطه النفقة لا يجوز، وكذلك إذا أمر أن يحج عنه فأنفق المأمور عامة النفقة من جهة نفسه لا يجوز.

فثبت أن جواز النيابة لشبهه بالزكاة من حيث النفقة. فأما من حيث أنه عبادة بدنية فلا ينبغي أن تجوز فيه النيابة فجوز الشرع فيه النيابة في حال اليأس عن فعله بنفسه لشبهه بالزكاة ولم يجز في غير حال اليأس لشبهه بالصلاة وإذا جازت النيابة فيه من ذلك الوجه لم يكن بد من نيته عنه، وتلبيته باسمه وصح أمره إياه بأن يحج عنه وسقط الفرض عن الآمر لا عن المأمور.

وأما الأجر على أصلكم إنما وجب للأجير من حيث أنه فعل الحج بدناً وأقام فعله ببدنه مقام فعله بنفسه، ومن هذا الوجه لا ينبغي أن تجوز فيه النيابة، لأنه عبادة بدنية فلم يجز الاستئجار عليه ولم يجب له الأجر، هذا نهاية ما يمكن.

الجواب:

أما قولهم: ((إنه عبادة بدنية)).

<<  <  ج: ص:  >  >>