للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: يمكن أن يقال: ليس بعبادة محضة، وقد سلم هذا في الطريقة الثانية حيث قال: ((إنه يشبه الزكاة من وجه، وعلى أنا وإن سلمنا أنه عبادة بدنية لكنه عبادة بدنية تجرى فيها النيابة، وفيه الإجماع ولا يمكن منعه بحال.

والحرف أن أداء العبادة بدناً قد وجد إلا أنه قام فعل الأجير بدناً مقام فعل المستأجر بعقد مشروع وهو عقد الإجارة فصار كأنه الفاعل بنفسه.

وأما قولهم: ((إن وصف الابتلاء لا يوجد إلا لفعله بنفسه)).

قلنا: هذا لا يغنى بعد/ أن تلجئهم الضرورة إلى تسليم جواز النيابة فيه، وعلى أن معنى الابتلاء موجود وإن أدى بفعل الأجير، لأنه لابد من الأمر بفعله ولابد من بذل المال لفعله فيوجد الابتلاء، ألا ترى أن الابتلاء موجود في العبادات المالية، كذلك ههنا يوجد الابتلاء ببذل المال غير أنه كان الابتلاء بفعله بدناً والتوصل إليه مالاً، وههنا الابتلاء كله النقل إلى المال.

وأما الذي قالوه: ((إن النيابة غير جارية أصلاً لكن سقط الفرض عن الآمر ببذل النفقة)). فكلام في غاية الرذالة والنذالة ولا يتصور فرض الحج إلا بفعل الحج.

فإن قالوا: إنه إذا انتقل الفرض من البدن إلى بذل المال فينبغي أن يؤمر بصدقته على الفقراء ويكون وجوبه باسم الفدية على الحج مثل الشيخ الهم تجب عليه الفدية عن الصوم، فأما أن يقال إن الحج بقى وجوبه عليه حتى يجب عليه أن يأمر نائبه بالحج عنه ويجب على النائب أن ينوي عنه الحج ويسميه في تلبيته ثم الحج يكون عن الحاج ويكون للآمر ثواب النفقة ويسقط الحج عن ذمته بثواب النفقة، فهذا كلام غير مفهوم، ولا يستجيز اعتقاده والقول به فقيه، وإن صار واجب الحج واجب بذل المال فبأي وجه

<<  <  ج: ص:  >  >>