تعين بذل المال في جهة الحج بل ينبغي أن يجب صرفه إلى مصارف الصدقات، ثم كيف يتعين بذله في حج يفعله النائب عن نفسه ويكون واجباً عليه أن ينويه عنه ويسميه في تلبيته ولو نواه عن نفسه كان مخالفاً ويلزمه رد ما أخذه عليه، فهذه كلها تخبطات عظيمة وحكايتها كافية عن الكلام عليها.
وأما طريقتهم الثانية، وقولهم:((إن الحج وقع عن الحاج)).
فقد قال بعضهم: وقع عن الحاج نفسه من وجه وإنما يجوز عقد الإجارة إذا وقع عن المستأجر من كل وجه.
فنقول: لم يقع عن الحاج بوجه ما وهو واقع عن الآمر من كل وجه.
وأما قولهم:((إنه يشترط أن يكون من أهل الحج لنفسه)).
قلنا: إنما اعتبر ليكون من أهل الحج وإنما يجوز الاستئجار على الحج لمن يكون من أهل الحج، وهذا بمنزلة كل فعل يستأجر الإنسان عليه إنما يجوز إذا كان الأجير من أهل ذلك الفعل إلا أن الحج فعل شرعي فيعتبر أن يكون من أهل فعله شرعاً وهو بمنزلة ما يستأجره على فعل حسي يعتبر أن يكون من أهل فعله حساً.
ونظير هذا إذا استأجر المسلم مجوسياً لذبح شاة لا يجوز وإن كان الذبح محسوساً يوجد منه مثل ما يوجد من المسلم، ولكن قيل إن الذبح المحلل فعل شرعي فيعتبر في الأجير أن يكون من أهل فعله شرعاً فإذا لم يكن، لم يصح الاستئجار عليه ولم ينظر إلى تصوره محسوساً منه، كذلك ههنا، وهذه الطريقة كان بناؤها على هذا الأصل وإذا حصل الجواب بطل الباقي منها.