(٩٣) حدثنا هشامُ بنُ خالدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حدثنا محمدُ بن شُعَيْبٍ وهو ابن شابور، حدثنا عُمَرُ بنُ عبدِ اللهِ مولى غفرة قال: سمعت أنسَ بن مالكٍ - رضي الله عنه - يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
«أَتاني جِبريلُ وفي يَدِهِ كهيئة المِرْآةِ البَيْضاءِ، وفيها نُكْتَةٌ سوداء، قلت: ما هذه يا جبريل؟ قال هذه الجُمُعَةُ، بَعَثَ بها إليك رَبُّكَ تكونُ عِيدًا لك ولأُمَّتِك مِنْ بعدِك، قلت: وما لنا فيها؟ قال لكم فيها خيرٌ كَثِير، أنتم الآخِرون السَّابِقون يوم القيامة، وفيها ساعةٌ لا يُوافِقُهَا عبدٌ يُصَلِّي يَسْأَلُ اللهَ شَيْئًا إِلا أَعْطَاه.
قلت: ما هذه النُكْتَةُ السوداء؟ قال هذه الساعة، تكون يوم الجمعة، وهو سَيَّدُ الأيامِ، ونحن نُسَمِّيهِ عندنا؛ يَوْمُ المَزِيدِ، قلت: وما المَزِيدُ يا جبريل؟ قال ذلك بأن رَبَّكَ اتخذ في الجنةِ واديًا أَفْيَحَ مِنْ مِسْكٍ أَبْيَضَ، فإذا كان يومُ الجُمُعَةِ من أيام الآخِرة؛ هَبَطَ الرَّبُّ تبارك وتعالى عن عَرْشِهِ إلى كُرْسِيِّه، وحَفَّ الكُرسِيَّ بمنابرَ من نورٍ، فَيَجْلِسُ عليها النَّبيوُن، وحفَّ المنَابِرَ بكراسيَ من ذَهَبٍ، [فيجلسُ](١) عليها الصِّديقُون والشُّهداءُ، ويَهْبِطُ أهلُ الغُرَفِ من غُرَفِهِم، فَيَجْلِسُونَ على كُثْبَانِ المِسْكِ لا يَرَوْنَ لأهل المنابر والكراسي عليهم فضلاً في المجلس، ثم يَتَبَدَّى لهم ذو الجلال والإكرامِ، فيقول: سَلُونِي، فيقولون بِأَجمَعِهِم: نسألُكَ الرِّضَا فَيُشْهِدُهُم على الرضا، ثم يسألونه حتى تنتهي نُهْيَةُ كلِّ عبدٍ مِنْهُم، ثم يُسْعَى عليهم بما لا عينٌ رَأَتْ، ولا أذنٌ سمعت، ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ، ثم يرتفع الربُّ عن كرسيه إلى عرشه، ويرتفعُ أهلُ الغُرَفِ إلى غرفهم، وهي غُرْفَةٌ من لؤلؤة بيضاء، أو زَبَرْجَدَةٍ خضراء، أو ياقوتةٍ حمراء ليس
(١) ما بين معقوفين سقط من الأصل، وأثبتناه من الحديث رقم (٧٥).