وبقيامها وبالبعث والحساب؛ لأن عِلْمَهُ بِالسَّاعَةِ، كَعِلْمِهِ بِالخَلْقِ، وأَعْمَالِهم سواء، لا يزيد ولا ينقص، فمن لم يؤمن بأحدهما؛ لزمه أن لا يؤمن بالآخر، وهي من أوضحِ الحُجَجِ وأَشَدِّها على مَنْ رَدَّ العلم وأنكره.
واعلموا أن الله - عز وجل - لم يَزَلْ عَالِماً بِالْخَلْقِ وأَعْمَالِهم قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُم، ولا يَزَالُ بِهِم عَالِماً لم يَزْدَدْ في عِلْمِهِ بِكَيْنُونَةِ الخَلْقِ خَرْدَلَةً واحدةً، ولا أقلَّ منها ولا أكثر، ولكن خَلَقَ الخَلْقَ على ما كان في نفسه قبل أن يَخْلُقَهُم، ومن عنده بدأ العِلْمُ، وهو عَلَّمَ الخلقَ ما لم يعلموا، فقال تبارك وتعالى: {عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (٥)} [العلق: ٥] وقال للملائكة: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)} [البقرة: ٣٠] فبلغنا في تفسيره عن مجاهد قال: عَلِمَ مِنْ إِبْلِيسَ المعصيةَ، وخَلَقَهُ لها.
(١١٣) حدثناه نُعَيْمُ بنُ حَمَّادٍ، حدثنا ابنُ المباركِ، عن ابن جريج، عن مجاهدٍ (١).
قال أبو سعيد: ولَعَمْرِي ما عَلِمَتِ الملائِكَةُ بِسَفْكِ الدِّماء، والفساد غَيْبًا من قِبَلِ أَنْفُسِهِم، ولَكِنْ عَلَّمَهُم ذلك عَلاَّمُ الغُيُوبِ قَبْلَ أن يقولوا، ولذلك ادَّعَوا مَعْرِفَتَهُ.
(١) صحيح لغيره، أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (٣٤٤)، والطبري في التفسير (٦٢٨، ٦٣٣، ٦٣٥)، وغيرهم، عن مجاهد، وهذا إسناد ضعيف نعيم بن حماد تقدم الكلام عليه لكنه توبع، تابعه سويد بن نصر كما عند الطبري، وسويد ثقة، وابن جريج كان مدلسًا ولم يصرح بالسماع، وفي سماعه التفسير من مجاهد مقال، لكن قد روي هذا المتن عن مجاهد بإسناد صحيح، أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (٩٣٨)، واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (٩٥٩)، من حديث علي بن بذيمة، عن مجاهد، به.