فدخلت هراة في ربيع الأول، سنة ثمانين ومائتين، فأوصلته الكتاب، فقرأه، ورحب بي، وسأل عن ابن خزيمة، ثم قال: يا فتى! متى قدمت؟ قلت: غدًا.
قال: يا بني! فارجع اليوم، فإنك لم تقدم بعد، حتى تقدم غدًا.
قال أحمد بن محمد بن الأزهر: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: أتاني محمد بن الحسين السجزي، وكان قد كتب عن يزيد بن هارون، وجعفر بن عون، فقال: يا أبا سعيد! إنهم يجيئوني، فيسألوني أن أحدثهم، وأنا أخشى أن لا يسعني ردهم.
قلت: ولم؟ قال: لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سئل عن علم، فكتمه، ألجم بلجام من نار» قال: إنما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن علم تعلمه، وأنت لا تعلمه.
قال يعقوب القراب: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قد نويت أن لا أحدث عن أحد أجاب إلى خلق القرآن.
قال: فتوفي قبل ذلك.
قلت: من أجاب تقية، فلا بأس عليه، وترك حديثه لا ينبغي.
قلت: كان عثمان الدارمي جِذْعًا في أعين المبتدعة، وهو الذي قام على محمد بن كَرَّام، وطرده عن هراة، فيما قيل.
قال عثمان بن سعيد: من لم يجمع حديث شعبة وسفيان ومالك، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، فهو مفلس في الحديث - يريد أنه ما بلغ درجة الحفاظ -.