للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

يُبْتَلُوا بها قبل ذلك، فَكَفُّوا عن الجوابِ فيه، وأمسكُوا، فحين وقعتْ في مسامعِ غيرهِم -من أهل البَصَرِ بهم وبِكَلامِهِم ومُرَادِهِم ممن جَالسُوهُم ونَاظَرُوهُم وسمعوا قُبْحَ كَلامِهِم، مِثْلَ مَنْ سمَّيْنَا، مِثْل؛ جَعفرِ بنِ محمد بن علي بن الحسين، وابنِ المباركِ، وعِيسَى بنِ يُونَسَ، والقَاسِمِ الجَزَرِي، وبَقِيَّةَ بنِ الوليد، والمُعَافَى بنِ عِمران، ونُظَرَائِهِم من أهلِ البَصَرِ بِكلامِ الجهمية-؛ لم يَشُكُّوا أنها كَلِمَةُ كُفْرٍ، وأَنَّ القُرآنَ نَفْس كَلامِ اللهِ كَمَا قال الله تبارك وتعالَى، وأنه غير مخلوق، إِذْ رَدَّ اللهُ على الوحيدِ قَوْلَهُ: إِنَّهُ قَوْلُ البَشَرِ، وَأَصْلاَهُ عَلَيْهِ سَقَر، فَصَرَّحُوا به على عِلْمٍ ومَعْرِفَةٍ؛ أنه غيرُ مخلوقٍ والحُجَّةُ بالعارفِ بالشيءِ لا بالغافل عنه، القَلِيلِ البَصَرِ به، فَتَعَلَّقَ هؤلاءِ فيه بِإِمْسَاكِ أَهلِ البَصَرِ، ولم يَلْتَفِتُوا إلى قولِ مَنِ اسْتَنبَطَهُ وعَرَفَ أَصْلَهُ.

فقلنا لهم: إِنْ يَكُ جُبْنُ هَؤُلاءِ الذينَ احْتَجَجْتُم (١) بهم مِن قِلَّةِ بَصَرٍ، فَقَد اجْتَرَأَ هَؤلاءِ وصَرَّحُوا بِبَصرٍ، وكانُوا مِنْ أَعْلامِ النَّاسِ، وأَهْلِ البَصرِ بأُصُولِ الدِّيِنِ وفُرُوعِهِ، حَتَّى أَكْفَرُوا مَنْ قال: «مخلوق» غَيرُ شَاكِّينَ فِي كُفْرِهِم، ولا مُرْتَابِينَ فِيهِم.

* * *


(١) في الأصل «احتججنا»، وكتب فوقها كذا، وكتب في الحاشية «لعله احتججتم».

<<  <   >  >>