للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من الدَّهرِ وزَمَانًا مِنَ الزَّمَانِ، وكان أولُ من أَظْهَرَ شيئًا منه بعد كُفَّارِ قُريش؛ «الجَعْدُ بن دِرْهَم» (١) بالبَصْرةِ، و «جَهْمٌ» (٢) بخُرَاسَان؛ اقتداءً بكفار قريش، فَقَتَلَ اللهُ جَهْمًا شَرَّ قِتْلة.

وأما الجعدُ فأخذه خالدٌ بن عبد الله القَسْرِي (٣)، فذبحه ذبحًا بواسط في يوم أضحى (٤) على رؤوس من شهد العيد معه من المسلمين، لا يَعِيبُهُ به عَائِبٌ، ولا يطعن عليه طاعن، بل استحسنوا ذلك من فعله، وصَوَّبوه من رأيه (٥).

(١) حدثناه القَاسِمُ بنُ محمد البَغْدَادِيُّ، حدثنا عبدُ الرحمنِ بنُ محمد بنِ حَبِيبِ بنِ أَبِي حَبيب، عن أَبِيِه، عن جَدِّهِ حَبيبِ بنِ أَبِي حَبِيبٍ، قال: ... «خَطَبَنا خَالدُ بنُ عبدِ اللهِ القَسْرِيُّ بِواسِط يوم أضحى (٦) فقال: أَيُّهَا النَّاسُ! ارجعوا فَضَحُّوا تَقَبَّلَ اللهُ منَّا ومِنْكُم؛ فإنِّي مُضَحٍّ بالجعد بن درهم؛ إِنَّه زَعَمَ أنَّ اللهَ لم يتخذْ إبراهيمَ خَليلاً، ولم يُكَلِّم موسى تَكليمًا، وتعالى الله عما يقولُ الجَعْدُ بنُ دِرْهَم عُلوًّا كَبيرًا، ثم نَزَلَ فَذَبَحَهُ» (٧).


(١) «الجعد بن درهم»: من أهل الشام وهو مؤدب مروان الحمار، وهو شيخ الجهم بن صفوان الذي تنسب إليه الجهمية، ينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (٥/ ٤٣٣).
(٢) هو جهم بن صفوان أبو محرز الرَّاسبِي؛ أُسُّ الضلالة ورأس الجهمية، قُتِل سنة ثمان وعشرين ومائة، وانظر خبر قتله في البداية والنهاية (١٠/ ٢٩).
(٣) هو الأمير الكبير أبو الهيثم خالد بن عبد الله بن يزيد القسري الدمشقي، ينظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (٥/ ٤٢٥).
(٤) في المطبوعة «الأضحى» والمثبت من الأصل.
(٥) في الأصل «وصَوّبه من رأيه»، والمعنى هكذا لا يستقيم، وما أثبتناه من عند المصنف فقد أعاد هذا الحرف في باب إكفار الجهمية.
(٦) في المطبوعة «الأضحى» والمثبت من الأصل.
(٧) أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٦٤)، وفي خلق أفعال العباد (ص ١٩)، والبيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٠٥ - ٢٠٦)، وفي الأسماء والصفات (٥٦٩)، وغيرهم؛ من ... =
= طريق عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب عن أبيه عن جده، وعبد الرحمن مقبول وأبوه مجهول وجده صدوق يخطئ كما ذكر الحافظ رحمه الله؛ فهذا إسناد ضعيف.
لكن للخبر طريق آخر فقد أخرجه ابن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية -كما في كتاب العلو للعلي الغفار للذهبي (ص ١٣١) - قال حدثنا عيسى بن أبي عمران الرملي حدثنا أيوب بن سويد عن السري بن يحيى قال: خطبنا خالد، فذكر القصة، وهذا إسناد رجاله ثقات، غير أيوب بن سويد، قال الحافظ: صدوق يخطئ، فالقصة إسنادها حسن إن شاء الله، لاسيما وقد رواها الأئمة في كتبهم، واحتجوا بها.

<<  <   >  >>