للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجَوابِ، وخَلَّطَ، ولم يُصَرِّحْ.

قال أبو سعيد: فقال لي زعيمٌ منهم كبير: لا، ولكن لمَّا خلق الله الخلق ... - يعني السموات والأرض وما فيهن- سَمَّى ذلك كُلَّه عرشًا له، واستوى على جميع ذلك كُلِّه.

قلت: لم تَدَّعوا من إنكار العرش والتكذيب به غاية، وقد أحاطت بكم الحجج من حيث لا تدرون، وهو تصديق ما قلنا، إن إِيمانَكم به؛ كإيمان ... {الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ} [المائدة: ٤١] فقد كَذَّبَكم الله تعالى به في كتابه، وكذَّبكم به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أرأيتم قولكم؛ إن عَرشَه سماواتُهُ وأرضُهُ وجميعُ خَلقِهِ، فما تفسيرُ قولِهِ عندكم {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} [غافر: ٧]؟

أَحَمَلةُ عرشِ الله أَمْ حملةُ خلقِهِ؟ وقوله {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ (١٧)} [الحاقة: ١٧] أيحملون السموات والأرض ومن فيهن أم عرش الرحمن؟ فإنَّكم إِنْ (قَدْ تَم قَوْلُكُمْ قَولاً) (١)؛ هذا يُلزِمْكُم أن تقولوا: عَرشُ رَبِّكَ خَلْقُ رَبِّكَ أَجْمَع، وتُبطلون العرشَ الذي هو العرش، وهذا تفسيرٌ لا يَشُكُّ أَحَدٌ في بُطُولِهِ واستحالته، وتكذيب بعرش الرحمن تبارك وتعالى.

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: ٧] وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «كان الله ولم يكن شيء وكان عرشه على الماء».

ففي قول الله تعالى، وحديثِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -؛ دَلالةٌ ظَاهِرَةٌ أَنَّ العَرشَ كان مخلوقًا على الماء، إِذْ لَا أَرْضٌ ولا سَمَاءٌ.


(١) في المطبوعة (قلتم قولكم) فقد غيَّر محققها كلمة وحذف أخرى؛ وهذا التصرف فيه تجني على الأصل الخطي، نشأ عن عدم فهم السياق، وما أثبتناه من الأصل.

<<  <   >  >>