للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ (١٧)} [الملك:١٦،١٧].

{قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [فصلت:٩ - ١٢].

قال أبو سعيد: أَقَرَّتْ هذه العصابة بهذه الآيات بألسنتها وادَّعُوا الإيمان بها، ثم نقضوا دعواهم بدعوى غيرها؛ فقالوا: الله في كل مكان لا يخلو منه مكان.

قلنا: قد نقضتم دعواكم بالإيمان باستواء الرب على عرشه؛ إذ ادَّعَيْتُم أنه في كل مكان.

فقالوا: تفسيره عندنا؛ أنه استولى عليه وعلاه.

قُلنا: فهل من مكانٍ لم يَسْتَول عليه ولم يَعْلُه حتى خَصَّ العرشَ من بين الأمكنة بالاستواء عليه وكَرَّر ذِكرَه في مواضع كثيرة من كتابه؟!

فأيُّ معنى إذًا لخصوص العرش؛ إذ كان عندكم مُسْتويًا على جميع الأشياء كاستوائه على العرش، تبارك وتعالى؟! هذا محالٌ من الحجج، وباطلٌ من الكلام، لا تَشُكُّونَ أنتم -إن شاء الله- في بُطُولِهِ واستحالته، غَيرَ أنَّكم تُغالِطون به الناسَ.

أرأيتم إذ قلتم: هو في كل مكان، وفي كل خلق، أكان الله إلهًا واحدًا قبل

<<  <   >  >>