الكافر، قال ينتهى به إلى السماء الدنيا فيستفتحون فلا يفتح له ثم قرأ {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ} الآية [الأعراف: ٤٠] قال: اكتبُوا كتاب عَبْدِي في سِجِّين في الأرض السُّفلى، وأعيدوه إلى الأرض؛ فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، فَيُطْرَحُ طرحًا، وساق الحديث بطوله كما ساق» (١).
قال أبو سعيد: ففي قوله تبارك وتعالى: {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ}[الأعراف: ٤٠]، دلالةٌ ظاهرةٌ أن الله - عز وجل - فوق السماء؛ لأن أبواب السماء إنما تُفَتَّحُ لأرواحِ المؤمنين، ولرفع أعمالهم إلى الله - عز وجل - منها، ولما سوى ذلك مما يشاء الله تعالى، فإذا كان من الميت والعامل بنفسه في الأرض، فإلى من يُعْرَجُ بأرواحهم وأعمالهم؟ ولِم تُفَتَّحُ أبوابُ السماءِ لقوم، وتغلق عن آخرين إذا كان الله بزعمهم في الأرض؟ وما منزلة قول الله - عز وجل - عندهم إذ {لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ}.
فَمَنْ آمن بهذا القرآن الذي احتججنا منه بهذه الآيات، وصَدَّقَ هذا الرسولَ الذي رَوَيْنَا عنه هذه الروايات؛ لَزِمَهُ الإقرار بأن الله بكماله فوق عَرشِهِ فوق سماواته، وإلا فليحتمل قرآنا غير هذا، فإنه غير مؤمن بهذا.
ومما يُحَقِّقُ قَولَنَا، ويُبْطِلُ دَعْوَاهُم؛ احتجابُ الله - عز وجل - من الخلق فوق السموات العلى.
* * *
(١) صحيح؛ أخرجه أبو داود (٤٧٥٥)، وابن أبي شيبة في المصنف (١٢١٨٥)، وأحمد (١٨٥٣٤)، والطيالسي (٧٨٩)، والحاكم في المستدرك (١/ ٣٧) وصححه، وغيرهم من حديث الأعمش، به.