للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

شيءٍ، لا حَدَّ له، ولا منتهى عندكم، ولا يخلو منه شيءٌ مكانٌ (١) بزعمكم.

ثم قلتم: إنما يُوصَفُ بالنزول من هو في مكان دون مكان، فأما من هو في كل مكان فكيف ينزل إلى مكان.

قلنا: هذه صِفَةٌ خلاف صفةِ ربِّ العالمين، ولا نعرف بهذه الصفةِ شيئًا إلا هذا الهواء الداخلُ في كلِّ مكان، النَّازلُ على كلِّ شيءٍ، فإن لم يكن ذلك إلهكم الذي تعبدون، فقد غلبكم عن عبادة الله رأسًا، وصِرتُم في عبادة ما تعبدون أسوأ منزلة من عبادة الأوثان، وعبادة الشمس والقمر؛ لأن كلَّ صِنْفٍ منهم عبدَ شيئًا هو عند الخَلق شيء، وعبدتم أنتم شيئًا هو عند الخلق لا شيء؛ لأن الكلمةَ قد اتفقت من الخلق كلِّهم أن الشيءَ لا يكونُ إلا بحدٍّ وصفةٍ، وأن لا شيء، ليس له حدٌّ ولا صفةٌ؛ فلذلك قلتم لا حدَّ له، وقد أَكْذَبَكُم الله تعالى، فسمَّى نفسه أكبر الأشياء وأعظم الأشياء وخَلاَّق الأشياء قال تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: ١٩] وقال {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨]، فهو سمى نفسَهُ أكبر الأشياء، وأعظم الأشياء، وخلاق الأشياء، وله حَدٌّ، وهو يعلمه لا غيره.

(٧٨) حدثنا الحسنُ بن الصبَّاحِ البزَّارُ البَغداديُّ، حدثنا عليُّ بنُ الحسنِ بن شقيقٍ، عن ابن المبارك؛ أنه سُئِلَ، بم نَعْرِفُ رَبَّنَا؟ «قال: بأنه فوق العرش، فوق السماء السابعة، على العرش، بائِنٌ من خلقه، قال قلت: بِحَدٍّ قال: فبأي شيء» (٢).


(١) كذا في الأصل «شيءٌ مكانٌ» وحذف في المطبوعة كلمة «شيء» وهي واضحة في الأصل ولم يضرب عليها، وهي متوجهة لغة على أنها بدل.
(٢) تقدم تخريجه، رقم (٢١).

<<  <   >  >>