في اللفظ القرآني ما يثبته تصرفوا فيه أو قرءوه بقراءة بعيدة من أجل تقرير عقيدتهم فعند تفسيرهم لقوله تعالى: وكلَّمَ اللَّهُ مُوسي تَكلِيمًا [النساء: ١٦٤] يقرءونها بنصب لفظ الجلالة على أنه مفعول، ورفع موسي على أنه فاعل، وحملها بعضهم على أنها من الكلم بمعنى الجرح فيكون المعنى وجرح الله موسي بأظفار المحن ومخالب الفتن. كل هذا ليفرّ المعتزلي من ظاهر النص القرآني الذي يصادم عقيدته.
وعند ما فسروا قول الله تعالى: الَّذِينَ يَأْكلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ [البقرة: ٢٧٥] فسروا المس بالجنون لأنهم في مبادئهم ينكرون تلبس الجني بالإنسي، ويقولون إنه لا تسلط لها على الإنسان إلا بالوسوسة والإغواء كما في قصة أيوب أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وعَذابٍ (٤١)[ص: ٤١] وبيّن قدرات الشيطان بقوله تعالى في الحكاية عنه وما كانَ لِي عَلَيْكمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي [إبراهيم: ٢٣].
وعند ما يفسرون قوله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (٢٢) إِلي رَبِّها ناظِرَةٌ [القيامة: ٢٢ - ٢٣] يتأولونها فيقولون في الكلام محذوف تقديره إلي ثواب ربها ناظرة، لأنهم يقولون لا يجوز ولا يصح النظر إلا إلي الأجسام فالقائل بجواز رؤية الله قائل بجسميته، وإذا جاز أن يري جاز أن يصافح ويعانق ويلمس تعالى الله عن ذلك.
يقولون هذا ولا يبالون بالأحاديث الصحيحة التي صرحت بجواز الرؤية في الآخرة!.
وعند ما يفسرون قوله تعالى: واللَّهُ خَلَقَكمْ وما تَعْمَلُونَ (٩٦)[الصافات: ٩٦]، ونحوها من الآيات التي تفيد أن الله هو الخالق لأفعال العباد يقولون: وَاللَّهُ خَلَقَكمْ وما تَعْمَلُونَ (٩٦) من الأصنام، فالأصنام من خلق الله وإنما عملهم