للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولكن الدكتور حسين نصّار ذهب إلى رأي ثالث وهو أن أول كتاب في هذا الفن ألفه أبو عدنان السلمي، ونسب ذلك إلى صاحب الفهرست، فقال: "عز أكثر الباحثين الكتاب الأول في غريب الحديث إلى أبي عبيدة معمر بن المثني (٢١٠ هـ) تبعًا لابن الأثير. ولكن هذا القول يجب ألا يؤخذ قضية مسلّمة، فقد نسب ابن النديم الكتاب الأول من هذا النوع إلى أبي عدنان عبد الرحمن بن عبد الأعلى". ثم نقل ما جاء في الفهرست: "وله ... كتاب غريب الحديث، وترجمته (ما جاء من الحديث المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسّرًا)، وعلى إثره ما فسّر العلماء من السلف" (١).

وأيّد ما فهمه من كلام ابن النديم بأن أبا عدنان "راوية لأبي البيداء الرياحي، وهو معاصر ليونس بن حبيب، أستاذ أبي عبيدة، فأبو عدنان إذن وأبو عبيدة متعاصران، ومن المحتمل أن يسبق أحدهما الآخر في التأليف في غريب الحديث، ولكن إذا كان لنا أن نعتمد على مؤرخ، فالأجدر بالترجيح ابن النديم، لأنه أقدمهم وأقربهم إلى عصر هؤلاء المؤرّخ لهم، فنقدم بذلك أبا عدنان على أبي عبيدة".

لم يصرح ابن النديم بأن أبا عدنان أول من ألّف في غريب الحديث ولكن الدكتور حسين نصّار تأول كلامه على هذا، وذلك أنه زعم أن عنوان كتاب أبي عدنان: "ما جاء من الحديث المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرًا" (٢)، أما الجملة التي بعدها فهي كلام مستأنف، و"ما" في قوله "ما فسر" زائدة، وقصد به ابن النديم أن العلماء من السلف إنما فسروا غريب الحديث بعد أبي عدنان. وهذا التأويل لكلام ابن النديم يبدو صحيحًا لأول وهلة. ولكن يضعفه أمور منها:

١ - لو قصد ابن النديم ما ذهب إليه حسين نصّار لما كان لقوله "من


(١) الفهرست: ٥١.
(٢) المعجم العربي: ١: ٤٢ - ٤٣.

<<  <   >  >>