الأبيات التي تفيض حزنًا. الحق أن الحافظ ابن الجوزي لو نقل القصة كاملة بسنده هذا عن التبريزي لقطع خطيبه قول كل خطيب!
أما الذي أفادنا بالقصة كاملة فهو ياقوت الحموي (٥٧٤ - ٦٢٦ هـ) في كتابه معجم الأدباء. وقد اعتمد ياقوت في ترجمة الفالي على ثلاثة مصادر: تاريخ بغداد الذي يخلو من شعر الفالي، وابن عساكر - ولم يذكر كتابه - وكتاب المذيل للسمعاني، وقد نقل من المصدرين الأخيرين بعض شعر الفالي كما تقدم، ولكن قصة بيع الجمهرة وما قال فيها الفالي من الأبيات أوردها ياقوت مسندة إلى الخطيب التبريزي من غير أن يصرح بالمصدر الذي نقلها منه. فقال:
"وحدث أبو زكريا التبريزي قال: رأيت نسخة بكتاب الجمهرة لابن دريد، باعها أبو الحسن الفالي بخمسة دنانير من القاضي أبي بكر ابن بديل التبريزي، وحملها إلى تبريز، فنسخت أنا منها نسخة، فوجدت في بعض المجلدات رقعة بخط الفالي فيها، أنست بها ... (الأبيات) فأريت القاضي أبا بكر الرقعة والأبيات، فتوجع، وقال: لو رأيتها قبل هذا لرددتها عليه، وكان الفالي قد مات".
لم أجد ترجمة القاضي أبي بكر في المصادر التي بين يديّ، ولعله ابن القاضي أبي الحسين بديل بن علي التبريزي، الفقيه الشافعي، من تلامذة أبي إسحاق الشيرازي (٤٧٦ هـ)(١).
القصة في هذه الرواية تامة متناسقة، وسياقها لا يدلّ على أن التفاصيل الدقيقة التي ذكرت فيها قصد منها زخرفة الحكاية، فهو خالٍ من المبالغة والتكلف.
ولكن ابن خلكان (٦٠٨ - ٦٨١ هـ) أورد القصة في ترجمة الشريف المرتضى (٣٥٥ - ٤٣٦) عن الخطيب التبريزي نفسه على نحو آخر، فقال:
"وحكى الخطيب أبو زكريا يحيى بن علي التبريزي اللغوي أن أبا الحسن