للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

اختار لكتابه في غريب الحديث منهجًا جديدًا، فرتّب كتابه على أبواب السنن والفقه وذكر فيه الأسانيد أيضًا، كما وصفه ابن درستويه.

٣ - منهج أبي عبيد

لما ألّف أبو عبيد القاسم بن سلام (٢٢٤ هـ) كتابه الحافل وجمع فيه ما تفرّق في كتب أبي عبيدة والأصمعي وغيرهما، وأضاف إليه أحاديث وآثارًا كثيرة أوردها مع أسانيدها، قدم أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتبعها آثار الصحابة ثم التابعين، جامعًا آثار كل منهم في مكان واحد. وامتاز تفسيره "بصحة المعنى وجودة الاستنباط وكثرة الفقه (١) ". فصار كتابه قدوة "لما حواه من الأحاديث والآثار الكثيرة، والمعاني اللطيفة والفوائد الجمة" (٢).

وحذا حذوه في هذا المنهج ابن قتيبة (٢٧٦ هـ) الذي تتبع ما فات أبا عبيد، فاستدرك عليه في كتابه المشهور، وكذلك أبو محمد قاسم بن ثابت العوفي السرقسطي (٣٠٢ هـ) في الأندلس، وأبو سليمان حمد بن محمد الخطابي (٣٨٨ هـ) في المشرق، وكلاهما استدرك على ابن قتيبة، ولم يطّلع الثاني على كتاب الأول.

وهذه الكتب الأربعة هي أمهات هذا الفن، وإن لم يشتهر كتاب العوفي - مع علو منزلته - في بلاد المشرق، لتأخّر وصوله إليها.

وقد دارت حول هذه الأصول الجلية مؤلفات كثيرة لشرحها أو اختصارها، أو ترتيبها، أو إصلاح غلطها، أو الانتصار لها، أو تفسير شواهدها، أو جمعها وتلخيصها في كتاب واحد.


(١) غريب الحديث للخطابي: ١: ٥٠.
(٢) النهاية في غريب الحديث والأثر ١: ٦.

<<  <   >  >>