وقد تعجبت كثيرًا لما قرأت كلام المحقق هذا، فإنّ خارقة من الخوارق عندي أن يكون نص عتيق من كتب الغندجاني التي تحوي من نوادر الشعر والأخبار والأمثال مالا نجد أحيانًا في المصادر الأخرى، "قد استوى" على أصل وحيد، ونسخة منقولة عنه! وذلك إذا فرضنا أن المحقق قد أخذ بجميع أسباب الدقة والحذر في نسخ النص من الأصل ثم معارضة نسخته به وبالنسخة المنقولة الأخرى. فكيف باستوائه إذا أخلّ بمعظمها أو بعضها؟ ولا شك أن المحقق الفاضل قد بذل جهدًا كبيرًا في الرجوع إلى المصادر الأخرى الكثيرة التي أشار إليها، ولكن ذلك لا يتدارك ما أغفله من أوائل الأمور، فأبت أعجازه إلا التواء! .
ثم هل اتّخذ الأستاذ المحقق النسخة (أ) أصلًا وعنها نسخ النص، مدركًا ما يعني قوله هذا كلّ الإدراك؟ وهل قابل ما نسخه بعد ذلك بنسخة الشنقيطي (ب)؟
يبدو أن المحقق الفاضل اكتفى بنسخ النص من الأصل، ثم لم يعرض ما نسخه على الأصل مرة أخرى. وأنه نسخ العبارة فقط غير ملتفت إلى ضبط الكلمات في الأصل و ٠ ب)، مع أن من أصول التحقيق أن يلتزم المحقق ضبط النص كما في الأصل، وخاصة إذا كان الأصل موثقًا ومقابلًا، إلى أن يتحقق عنده خطؤه، فيعدل عنه إلى الصواب، وينبّه على ما في أصله. فليس يعني اتخاذ نسخة أصلًا معتمدًا أن ينسخ منه النص فقط، ويهمل ما اجتهد فيه ناسخه من ضبط الكلمات. وكذلك يبدو أن الأستاذ المحقق لم يقارن بين الأصل و (ب) مقارنة دقيقة. والدليل على ما قلنا وجود الظواهر الآتية في تحقيق النص.
(١) سقطت كلمات من النص المطبوع في عدة مواضع، وهي موجودة في الأصل و (ب) كليهما. (انظر الملاحظات ١٥٢، ١٥٩، ١٧١، ١٧٢).