التعديل في النص، وخاصة إذا عرف صدوره كذا عن المؤلف، أمر له خطره. فهو يقتضي من المحقق أن يكون شديد الحذر، بالغ التيقّظ، طويل الأناة، مع سعة الاطلاع، وتمرّس بأساليب العربية وأسلوب المؤلف. فلا يؤمن الإقدام عليه إلا بعد تثبت، ومراجعة، وتنقيب، وتقليب لوجوه الصواب التي يحتملها النص. فهو سيف هندواني لا يسوّغ إلا لمن يعرف جيدًا متى يسلّه ومتى يغمده. وقد يخفّف من وقعه أن يثبت المحقق في الهامش ما ورد في الأصل أداءً للأمانة، كما وعد الدكتور السلطاني بالتزامها في مقدمته، ولكن المؤسف أنه لم يفِ بوعده. وقد رأينا من قبل عدوله عن أصله، أو عن أصله ونسخته المساعدة جميعًا، دون تنبيه، ثم قد يتسرّع إلى تخطئة ما في أصله، إذا وجد النص في مصدر آخر على وجه مختلف، ودون تعليل. (انظر الملاحظات ٣٩، ٤٤، ٥٥، ٥٩، ٦١، ١١٢، ١٥٨).
وأغرب شيء وقعت عليه من هذا الباب، مما أعياني تفسيره، أنّ المحقق الفاضل حذف في ثلاثة مواضع، الخطأ الوارد في نص النمري المنقود، وأثبت مكانه الصواب الذي أورده الغندجاني في نقده فيما بعد. فأصبح النقد لا معنى له، لارتفاع الخلاف بين الناقد والمنقود! والجدير بالذكر أن المحقق لم يشر في موضعين إلى ما في أصله وتعديله في النص! أما الموضع الثالث الذي نبّه فيه على ذلك فإن الصواب فيه غير ما ذهب إليه كلٌّ من النمري والغندجاني. (انظر الملاحظات ٩٤، ١٤٨، ١٥٩).
(٤) التعليقات
لقد بذل المحقق الفاضل جهدًا كبيرًا يشكر عليه في تعليقاته، يلمسه القارئ في صفحات الكتاب، وفهرس المصادر. وكنا نتمنى لو اتسم هذا الجهد بقدر أكبر من الدقة والرويّة والتعمق، فخلت من الحشو، والاضطراب،