للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أمّا في سورة محمد فلم يفسّر صاحب ترجمة المجمع قوله تعالى {فأولى لهم} بمعنى التحسّر أو التهديد، بل فسّره بمعنى"خير لهم" وجعله مع قوله تعالى في الآية التالية {طَاَعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} جملة واحدة (١)

وهذا ما فسّر به الآية ابن كثير رحمه الله. وقد فسّر (أولى) في الموضعين بمعنى أحقّ وأجدر، فتقاسم

فتقاسم تفسيره الأستاذ المودودي وصاحب ترجمة المجمع، فتبعه الأول في سورة القيامة، والآخر في سورة محمد.

وتفسير ابن كثير رحمة الله للآيتين فيه نظر. أمّا قوله في تفسير سورة القيامة إن {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} "تهديد ووعيد أكيد من الله تعالى للكافر به المتبختر في مشيه. أي يحقّ لك أن تمشي هكذا، وقد كفرت بخالقك وبارئك، كما يقال هذا في المثل على سبيل التّهكم والتهديد كقوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ اَلْكَرِيمُ}

وكقوله تعالى. . ." فهو تفسير غريب، لم أره فيما رجعت إليه من كتب التفسير، ولعلّ ابن كثير تفرد به. والتفرّد نفسه ليس قادحاً في قول إن كان مؤيدًا بالدلائل والحجج، ولكن ما ذهب إليه رحمه الله مبني على قول نقل في تفسير {فَأَوْلَى لَهُمْ} في سورة محمد إنه بمعنى"أولى بهم"، وهو قول من أضعف الأقوال

وأشبه ما يكون بالوهم والغلط، فلنقف وقفة قصيرة عند الآية المذكورة. قال تعالى:

{وَيَقُولُ اَلَّذِينَءَامَنُوا لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَاَ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا اَلْقِتَالُ رَأَيْتَ اَلَّذِينَ فيِ قُلُوبِهِم

مَّرَضٌ يَنُظرُونَ إِليْكَ نَظَرَ اَلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ اَلْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ - طَاَعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ اَلأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم} (سورة محمد: ٢٠ - ٢١)

جمهور المفسّرين على أنّ قوله في الآية الأولى {فَأَوْلى لَهُمْ} وعيد وتهديد، وقوله في الآية الثانية {طَاَعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُفٌ} كلام مستقل، حذف منه


(١) المجمع: ١٤٣٦

<<  <   >  >>