للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مبتدأ، و (لهم) من صلته، و (طاعة) خبر، كأنّ اللام بمعنى الباء، كأنّه قيل: فأولى بهم طاعة" (١) (١).

ثمّ نقل قولاً آخر في إعراب (طاعة) وهو أنّ (طاعة) في الآية الثانية صفة لـ (سورة) في الآية الأولي، وعقب، عليه بأنّه"ليس بشيء، لحيلولة الفصل الكثير بين الصفة والموصوف (٢)

وما كان أحقّه أن يعقب على القول السابق أيضًا بمثل هذا التعقيب! وذلك لوجوه منها:

١ - (أولى) بمعنى"أحق" لا يقال فيه - كما سبق -"أولى له" باللام، وإنّما يقال بالباء، وعليه التنزيل

أينما جاء فيه. فقال تعالى: {إنَّ أَوْلَى اَلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ والَّذِينَءَامَنُوا} (آل عمران: ٦٨). وقال تعالى: {إن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِرًا فَاللهُ أَوْلَى بِهِمَا} (النساء: ١٣٥).

وقال تعالى: {وَأُلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضِ فيِ كِتَابِ اللَّهِ} (الأنفال: ٧٥). وقال تعالى {ثُمَّ لَنَحْنُ

أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا} (مريم: ٧٠).

وقال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ

فيِ كِتَابِ اللَّهِ مِنَ المُؤْمِنِينَ والمُهَاجِرِينَ} (الأحزاب: ٦).

ولم تقرأ (أولى) في آية من هذه الآيات كلّها - ولو في قراءة شاذة - باللام مكان الباء.

وكذلك لم تنقل كتب اللغة والغريبين والتفسير من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو كلام غيره من

العرب ما جاء فيه"أولى له" بمعنى"أولى به".


(١) البحر المحيط ٩: ٤٧٠.
(٢) وهو ممّا أجازه الزّجاج احتمالأ في كتابة معاني القرآن وإعرابه ٥: ١٣ ولعلّه استفاد من كلام الفراء على هذه الآية في تفسير سورة النساء. انظر معاني القرآن له ١: ٢٧٩.

<<  <   >  >>