الحديث قال أبو فرقد: رأيت على تجافيف أبي موسى الديباج" فأورد المحقّق في تعليقه أولاً أقوال ابن دريد والأزهري والجوهري والفيروز ابادي، ثمّ قال: "لم يشر إلى تعريبه إلاّ المؤلّف، وتبعه الخفاجي (ص ٨٢) وذكره أيضًا أدي شير (ص ٣٤). قال الخفاجي وأدي شير إن أصله "تن بناه". وهذا هو الصواب، وما ذكره المؤلّف خطأ، إذ "تن" معناه البدن و"بناه" معناه الوقاية. لكن أين هذا اللفظ من "تجفاف"؟ لا يكاد الفرع وأصله المزعوم يتّفقان في شيء. والصواب أنّه عربي، ففي اللسان: ذهبوا فيه إلى معنى الصلابة والجفوف .... (ص ٢٢٣ - ٢٢٤).
ولنعرف كيف كانت الروح العلمية تحكم منهجه لدراسة الألفاظ الدخيلة نقرأ السطور التي استهلّ بها الفصل الذي خصّصه لذكر ضوابط معرفة الدخيل في مقدّمته. يقول فيها:
"لا يكفي مجرّد اتّحاف الحروف بين كلمتين إحداهما عربية والأخرى أعجمية، للحكم على الأولى أنّها مأخوذة من الثانية، من غير أن نأخذ في الاعتبار أمورًا أخرى هامّة كاشتقاق الكلمتين وتطوّرهما عبر العصور وتاريخ الاتصّال بين اللغة العربية واللغة التي منها هذه الكلمة المشابهة للكلمة العربية ... فكلمة "الفت" بمعنى الأعسر كثيرة الشبه بكلمة Left الإنكليزية وهي بمعنى الشمال، غير أنّ هذا مجرّد وفاق بين اللغتين، وذلك لأنّ اللغة العربية لم تأخذ كلمات من اللغة الإنكليزية في العصور القديمة. وكلمة "ألفت" قديمة، ولها أصل في العربية، وهي مأخوذ من لفته إذا لواه. ومنه يقال للتيس الملتوي أحد قرنيه ألفت".
ثمّ قال: "وكذلك لا يمكن دفع العجمة عن كلمة دخيلة من غير الرجوع إلى أصلها وتاريخها ... أنّ كلمة "بَلْغَم" لم ترد في معظم المعاجم، والتي ذكرتها لم تشر إلى عجمتها، وليس في حروفها ولا في بنائها شيء يحملنا على