(الحوت الذي عليه الأرض) بأنه "لا يستند إلى العقل ولا النقل، وهو من الخرافات".
ومن التحقيقات الممتعة التي يضمّها كتاب سواء السبيل تحقيق لفظ (دكنكص) الذي ذكر الصاحب ابن عباد في كتابه المحيط نقلًا عن الخليل أنه اسم نهر بالهند. واستدركه الصغاني في حاشيته على كتابه التكملة قائلًا:"لم أسمع به ولا أعرفه، وليس في كلام أهل الهند صاد". (دكص ٤/ ١١). وذكره مرة أخرى في معجمه الكبير العباب الزاخر، وأفاض في الكلام عليه، فقال إن في ذلك - يعني أنه اسم نهر بالهند - نظرًا من وجوه:"أولًا أن الخليل لم يذكره، وثانيًا لأن الصاد ليس في لغة غير العرب، وثالثًا أني شرقت وغربت في الهند والسند نيفًا وأربعين سنة، وشاهدت أكثر أنهارها، وبلغني أسماء ما لم أشاهد منها، وهي تربي على تسعمائة نهر، فلم أر هذا النهر، ولم أسمع به، غير أن لهم نهرًا عظيمًا إذا زاد الماء يكون عرضه فرسخًا، وإذا نقص يكون مثلي عرض دجلة في زيادة الماء، كفار الهند يحجّون إليه من أقطار الهند، فيتبرّكون به ويحلقون عنده رؤوسهم ولحاهم، ويسرحون فيه موتاهم على السرر رجاء تمحيص ذنوبهم على زعمهم، ومن أحرقوه من موتاهم يذرون حممه ورماده فيه، وهو من أشهر أنهارهم، واسمه (كنك)، فإن كان وقع فيه التحريف، وإلاّ فليس في الهند نهر اسمه (دكنكص) ".
كلام الصغاني هذا نقله الزبيدي في شرح القاموس الذي ذكر فيه الفيروزابادي لفظ (دكنكص) نقلًا عن ابن عباد، و (دكنكصوص) نقلًا عن أبي منصور بن عزيز اللغوي، وقال:"وكأنه وهم" محتجًا بأن "الصاد ليس في لغة غير العرب ... " فاكتفى بالوجه الثاني من الوجوه التي أوردها الصغاني.
إذا تأمّل أحد أن اللفظ الدخيل يتعلّق بالهند، وشهد شاهد من أهلها أنه لا يعرفه ولم يسمع به، وهو الإمام الصغاني الذي ولد في (لاهور) وشرق وغرب