ولهاتين المزيتين - ولا سيما الأولى - رأيت أن أعرّف بالكتاب المذكور في هذا البحث الذي أقدمه في المحور الثاني (الموضوع الحادي عشر) من محاور الندوة التي يعقدها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنوّرة عن السنة والسيرة النبوية.
وقد انتظم هذا البحث تمهيدًا وفصلين: فالتمهيد يشتمل على ذرو من القول في نشأة فن غريب الحديث، ومصنّفاته المشهورة ومناهجها مع الإلماع إلى أهمّ ما طبع منها وما لا يزال مخطوطًا. والفصل الأول في سيرة بيان الحق النيسابوري ومؤلفاته. وقد ترجم له ياقوت ترجمة مقتضبة وعليها اعتمد السيوطي وغيره، فأثبتّها أولًا، ثم أضفت إليها بعض المعلومات المستخرجة من كتب النيسابوري وغيرها. وناقشت ما زعمه بعضهم من أنه ارتحل إلى حلب ودرس في المدرسة الحلاوية، وبينّت الخلط الذي بني عليه هذا الزعم. وتحدّثت في الفصل الثاني عن الغرض من تأليف كتاب جمل الغرائب، وموارده وترتيبه، ومنهجه في التلخيص والتفسير، وبعض المآخذ عليه.
وليس هذا البحث دراسة لكتاب جمل الغرائب، وإنما قصد به التعريف والتنويه. وليس بين يديّ عند إعداده إلا قسم من نص الكتاب مطبوعًا على الحاسوب، بعث به إليّ من لندن أخي الدكتور محمد راشد أيوب الإصلاحي الذي يحقّقه عن ثلاث نسخ، فجزاه الله أحسن الجزاء.
وإني لشاكر لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة على أن شرفني بدعوتي للمشاركة في هذه الندوة التي تقام في مدينة رسولنا صلى الله عليه وسلم، ويتحدث فيها المتحدثون عن سنته السنية وسيرته العطرة، فما أشرف المقام، وما أجلّ الموضوع، وما أطيب الحديث، وما أسعد المتحدثينّ.
أسأل الله عزّ وجلّ أن يتقبّل أعمالنا، ويجعلها خالصة لوجهه الكريم، وأن يحيينا ويميتنا على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم.