(لعلي إن مالت بي الريح ميلة ... على ابن أبي زبان أن يتندما)
فأخبر عن اسم (لعل) بقوله: (أن يتندم)، وليس فيه ضمير يعود إليه؛ لأن الضمير إنما يرجع إلى ابن أبي ربان، وجاز ذلك حملاً على المعنى؛ لأنه لو قال: لعل ابن أبي زبان أن يتندم إن مالت بي الريح ميلة عليه لأدى ذلك المعنى بعينه، ونحوه من الأحوال المحمولة على المعاني دون موضوع الألفاظ قول امرئ القيس:
(خرجت بها تمشي تجر وراءنا)
فقوله:(تمشي) في موضع الحال من الباء والهاء، كأنه قال: ماشيين.
وقد قال النحويون: إنه لا يعمل في الحال عاملان، وإذا صيرت (تمشي) حالاً من الباء والهاء أعملت فيه (خرج) وحرف الجر، فصار بمنزلة قولك:(خرج زيد ومررت بعمرو راكبين)، وهذا لا يجوز، وإنما جاز ذلك ههنا حملاً على المعنى؛ لأن الباء تنوب مناب همزة النقل فصار قوله:(خرجت بها) بمنزلة أخرجتها، وإذا صار معناه إلى هذا التقدير كان العامل واحدًا، وهذا كثير جدًا.
وأما قولك: إن الأعلم- رحمه الله- رواه مرفوعًا فلا أعلم من أين ادعيت ذلك عليه، ولم يصرح فيه برفع ولا نصب، وإنما قال قولاً ينحو نحو ما حكيناه عن ابن الأعرابي، وإن كان قوله:(وحسمى محتزم القتام) قد أوهمك أنه خبر مبتدأ مضمر فليس كذلك، إنما// جعلها جملة في موضع نصب على الحال كأنه قال: وأضحى دقاق الترب ساطعًا بجبال حسمى وحسمى محتزم القتام، أي وحسمى هذه حاله.