جواهرها وأفعالها [وما الموجودات التي لم تؤت كمالها لا في جواهرها ولا في أفعالها] فهما طرفان؟ ، وما الموجودات التي أوتيت كمالها من جواهرها ولم تؤت كمالها في أفعالها// فصارت متوسطة بين الطرفين؟ ولم سكن الصنف الأول فلم تكن به حركة وتحرك الصنفان الآخران؟ وما الحكمة في وجود النواميس والنبوات في عالم الكون والفساد؟ وما الفرق بين النبوة والسحر والكهانة والفلسفة؟ وكيف تفيض قوة الوحي على الأنبياء؟ وما الفرق بين الإنسان الذي يوحى إليه والذي لا يوحى إليه؟
ولم صار الإنسان مأمورًا منهيًا دون غيره؟ ولم سمي العالم إنسانًا كبيرًا؟ وما السياسة؟ وكم أنواعها؟ .
فهذه الأمور كلها من خاصة النفس الفلسفية على جهة التصور، وبعضها على جهة التصديق من غير تصور ولكن ليست كل نفس تتعاطى الفلسفة يتهيأ لها أن تعرف ذلك كله، ولكن تعرف بعضه، وإنما تتهيأ معرفة هذه الأمور على كمالها للنفس التي اتفق لها في فطرتها [وكونها إن فطرت وفيها] استعداد لقبول ذلك، وكانت هاجرة للذات مميتة للشهوات، زاهدة في الدينار والدرهم، محبة للخير وأهله، مبغضة للشر وأهله، مرتبطة بالنواميس، مكتسبة للفضائل مطرحة للرذائل، قد اجتمع لها العلم والعمل،
فهذا هو الفيلسوف الحق عند ارسطو وأفلاطون وزعماء الفلاسفة، ومن لم يكن عندهم بهذه الصفة فليس بفيلسوف،