وتسمى هذه النفس [النفس] الحيوانية، فيكون قد انسلخ من المادة أكثر، فإذا صار إلى النظر في الحيوان الناطق وجد فيه أمر النفس أقوى، ووجد فيه مبدأ آخر غير النفس الحيوانية، وهو الاستعداد لقبول الأمور المعقولات، ثم يشرع بالنظر في أمور النفس فيصير متوسطًا بين الأمور العقلية المجردة من المادة وبين الأمور الجسمانية ذوات المواد، فإذا أمعن [في النظر] في أمر النفس [الناطقة] لاحت إليه المبادئ العقلية التي ليست بمادة، فيكون قد انسلخ من المادة كلها، وحصل في أول مراتب العلم الإلهي، ثم يشرع بالنظر في الأمور العقلية المفارقة للمادة، فأول معقول يصادفه باعتباره عند صعوده العقل الفعال، فإذا أكمل النظر فيه وعلم مرتبته من المعقولات المفارقة، وأنه في المرتبة العاشرة صعد بالاعتبار إلى النظر في التاسع، ثم إلى الثامن، ثم إلى السابع، ثم إلى السادس، حتى يصير بفكره إلى المعقول الأول الذي هو في مرتبة الواحد، فيجده بداية الموجودات