أحدثها له إله آخر فهو أحق بالعبادة منه، وإن كان أحدثها البشر فكيف يحدثونها له وهو الذي أحدثهم؟ وإن جاز للمعدوم أن يحدث موجودًا فكما الذي ينكر من أن يكون العالم هو الذي أحدث نفسه؟ وكيف يحدث غيره من هو محتاج إلى أن يحدث نفسه؟ وكيف يصح أن يوصف بالأزل من ذاته وصفاته محدثات؟ فإن قال قائل:«فإذا أثبتم له- تعالى- الصفات فهل يقولون: إنها راجعة إلى الذات بنفسها أم إلى معان غير الذات؟ »، ففي هذه المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه ترجع إلى معان غير الذات، وهو قول المجسمة، وهذا كفر بحت، نعوذ بالله منهم؛ لأنهم جعلوا الباري- تعالى- حاملاً ومحمولاً وجوهرًا تتعلق به الصفات والأعراض- تعالى الله عن قولهم-.
والوجه الثاني: أنها- على اختلافها- ترجع إلى الذات لا إلى معنى غيرها زائد عليها بأنه عالم وأنه علم، وأنه حياة ذات واحدة لا تغاير فيها، وكذلك سائر صفات الذات، وهذا قول كبراء الفلاسفة وزعمائهم، وإليه ذهب الشافعي،