للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الصفات نفسها فثابته له- تعالى- لا يبطلها جهل من جهلها، كما لا يثبتها علم من علمها، ويدل على صحة قولنا وبطلان قولهم: أن الكاتب لا يبطل كتابته عدم المكتوب، وكذلك الباني لا يبطل صفته بالبنيان عدم// المبني، ولا يلزم إذا علمنا الشيء أن يكون المعلوم والعلم معًا بالزمان، ولكن العالم قد يعلم الشيء الموجود في وقت علمه، وقد يعلمه بعد مضيه، ويعلم أنه سيكون في الوقت الذي يجب أن يكون فيه.

ومن الدليل على فساد ما قالوه أن من صفاته- عز وجل- ما لا يتعلق بالذات [وما لا يتعلق بالشيءٍ]، كقولنا: إنه شيء وإنه موجود وإنه حي، فيجب على هذا الرأي الفاسد أن يكون الباري- تعالى- كان في الأزل قبل خلقه للأشياء غير شيء، وغير موجود وغير حي، وهذا يوجب أنه كان معدومًا، ويلزمهم إن كانت الصفات محدثة مع الأشياء أن يخبرونا من أحدثها له، فإن كان هو الذي أحدثها لنفسه فكيف يجعل نفسه موجودًا من معدوم؟ وشيئًا من ليس بشيء؟ وحيًا من ليس بحي؟ وحقًا من ليس بحق؟ وإن كان غيره أحدثها له لم يخل ذلك الغير أن يكون إلهًا آخر غيره، أو يكون البشر هم الذين أحدثوها له، فإن كان

<<  <   >  >>