بكل شيء، لا يغيب عنه مقدار الذرة وما هو ألطف منها، وأنه عالم بضمائر النفوس ووساوس الصدور، مع قولهم إنه لا يعرف إلا نفسه، قولهم إن الباري- تعالى- موجود مع كل شيء يريدون أن الوحدة السارية منه- تعالى- بها حصل لكل موجود ذات ينفصل بها عن ذات أخرى وبها يهوي كل منهو فكيف يتوهم على من يعتقد هذا أن يقول: إن الباري- تعالى- يجهل شيئًا أو يغيب عنه شيء؟ وهذا إثبات الشيء ونقيضه معًا.
ومن ذلك قولهم: إن الباري- تعالى- عقل متجرد عن المادة بخلاف ما يوصف من أنه عقل إذا كان لا يشبه شيئًا ولا يشبهه شيء، إذا كان عندهم عقلاً متجردًا من المادة لم يخف عنه شيء؛ لأن المانع لنا من إدراك الأشياء إنما هو المادة.
ومن ذلك قولهم: إن العاقل والعقل والمعقول منه شيء واحد، وكذلك العالم والعلم والمعلوم شيء واحد، فذاته- عندهم- عقل وعلم، فكيف يتوهم على من ذاته عقل وعلم أنه يغيب عنه شيء.
ومن ذلك قولهم: إن الغرض في العلم القرب من الله- تعالى- في الصفات، وقولهم في حد الفلسفة:«إن معناها التشبه بالله- تعالى-» بمقدار طاقة الإنسان، فصح بهذا أنه- تعالى- العالم على الإطلاق وأن علمه هو العلم على الإطلاق.
ومن ذلك قول أفلاطون في كتاب (طيماوس) حين تكلم في العوالم العالية