أنفسنا؟ ويقال لهم كذلك: لا نعقل موجودًا إلا أن يكون جوهرا حاملاً للأعراض أو عرضًا محمولاً في جوهر فاحكموا على الباري- تعالى وجل- أنه جوهر من جنس الجواهر المعقولة ولا فرق.
ويقال لمن زعم منهم أنه يعلم الكليات ولا يعلم الجزئيات: من أين فرقتم بين الأمرين؟ فإن قالوا لأن الجزيئات تدخل تحت الزمان وتتغير بتغيره، ويحتاج في معرفتها إلى الحواس الخمس، والكليات التي هي الأنواع والأجناس لا تدخل تحت الزمان ولا تتغير بتغيره، ولا يحتاج في معرفتها// إلى الحواس الخمس.
وجوابنا عن هذا أن نقول: ألستم تعلمون أن الإنسان إنما يعلم الكليات بمشاهدة الجزئيات الواقعة تحت الزمان والاستدلال عليها بالمقدمات الغريزيات؟ فهل تزعمون أن الله- تعالى- يدرك الكليات بهذا السبيل؟ فإن قالوا نعم شبهوه بالبشر، وقلنا لهم: إذا جاز عندكم أن يشبه البشر في علم الكليات فما الذي يمنعه أن يشبههم في علم الجزيئات؟ وإن قالوا لا يجوز أن يعلم الكليات على نحو ما يعلمها البشر وإنما يعملها بنوع آخر من العلم لا يكيف ولا يشبه علم البشر، قلنا: فما المانع أن يعلم الجزيئات بهذا العلم ولا فرق.
وعمدة هذا الباب وغيره من الكلام في صفات الله- تعالى- أن تجعل أصلك أن الباري- سبحانه- لا يشبه شيئًا ولا يشبهه شيء، وتجتهد في أن تعلم هذه الجملة