ثم قال الشهاب بعد كلام: النية لا تحتاج إلى النية، قال جماعة من الفضلاء لئلا يلزم التسلسل، ولا حاجة إلى التعليل بالتسلسل بل النية من القاعدة المتقدمة لأن مصلحتها التمييز وهو حاصل بها سواء قصد ذلك أو لم يقصده، فاستغنت عن النية من الفروق. وسلم له الإمام أبو القاسم بن الشاط جميع ذلك، إلا ما ذكر من أن أداء (الدين) وشبهه لا يثاب عليه حتى ينوى التقرب إلى الله تعالى بأداء دينه. قال: فيه عندي نظر فإنه لا مانع أن يثاب في هذه الصورة، ويكفيه من النية كونه قصد أداء دينه والله تعالى أعلم.
قوله:"وكل ما يخلص للتعبد"- البيت- كل مبتدأ وخبره بدى، وبه يتعلق بنية أي كلما تخلص للتعبد وتمخض له فإنه يبتدأ بالنية. قوله:"إن كان ذا لبس" هو راجع إلى القسمين قبله، واحترز به مما ليس فيه كالذكر ونحوه وقد ذكره منطوقا بقوله:"وكل قربة"- البيت- وخبر كل جملة افتقارها لها فقد، وضمير لها عائد إلى نية.
قوله:"ومما تمحضا أعنى لمعقولية نحو القضاء أو غلبت كنجس فلا افتقار" ما موصول اسمي مبتدأ، وخبره فلا افتقار، ودخلت الفاء في خبر الموصول لشبهه الشرط بالشرط في العموم والإبهام، ويحتمل أن تكون شرطية، وأراد بالقضاء قضاء الدين.
قال القاضي أبو عبد الله المقري: قاعدة: إعمال الشائبتين أرجح من إلغاء أحدهما كالدليلين كإعمال مالك ومحمد شائبة المعقولية في الخبث في سقوط النية، والعبادة في تعيين الماء فهذا أولى من إلغاء النعمان شائبة العبادة وبعضهم شائبة المعقولية عندهم، وعندي أن إلغاء الراجح، لإعمال المرجوح، ولو في وجه تقديم للمرجوح المؤخر بإجماع،