للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

خالف في بيع أم الولد: رأيك مع الجماعة خير من رأيك لنا وحد (١) ك (٢).

الوجه الرابع: أن حديث عمر هو تعليم جبريل لجمهور المسلمين أو لجميعهم مجموع الدين، وحديث ابن عباس هو تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - لشرذمة يسيرة من الناس بعض أحكام الدين، فكانت العناية في حديث جبريل أشَدّ (٣)، فكان تقديمه أولى.

البحث الخامس: قوله: "الإيمان أن تؤمن بالله" إن قيل: في هذا تعريف الشيء بنفسه لأن تؤمن مشتق من الإيمان فهو كقوله: الأكل أن تأكل، والشرب أن تتسرب، والتصديق أن تصدق!

فجوابه: أنا لا نسلم أن هذا من باب تعريف الشيء بنفسه، وإنما هو من باب تعريف الشرعي باللغوي، وذلك أن الإيمان في اللغة التصديق، وفي الشرع تصديق خاص وهو التصديق بالله عزَّ وجلَّ وما ذكره بعد فكأنه قال: الإيمان شرعًا هو التصديق بهذه الأشياء، أو الإيمان الشرعي هو الإيمان اللغوي بهذه الأشياء، كما يقال:

الصلاة شرعًا هي الصلاة لغة وهي الدعاء وزيادة أمور أخر وهو كلام صحيح. واعلم أنه قد تبين من هذا الحديث أن مسمى الإيمان والإسلام لغة غير مسمَّاهما شرعا. وفيه دليل على إثبات الحقائق الشرعية، وهي من


(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٦/ ٤٣٦ والبيهقي في السنن الكبرى ١٠/ ٣٤٨.
(٢) كلا، لا شبه بين هذين الأمرين، وهل يجرؤ مؤمن يؤمن بالله ورسوله أن يقول: إن كلام الرسول مع كلام جبريل أحب إلينا من كلام الرسول وحده.
(٣) هذه شناعة أخرى ظاهرة للمؤلف حول هذا الحديث، وقى الله شرَّها عنا وعنه.