للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مسائل الخلاف في أصول الفقه (١).

البحث السادس: لم قدم السائل في سؤاله الإسلام على الإيمان وهل له وجه مناسب أم وقع اتفاقا؟ وحوابه بأنَّ في رواية الترمذي قدم الإيمان على الإسلام، وهي أولى بالتقديم.

فإن قيل: لم تلك (أ)، ومسلم أشهر بالصحة وأقعد بها من الترمذي؟

قلنا: لأن السنة بيان لكتاب الله عزَّ وجلَّ فأولاها بالتقديم أوفقها للكتاب، ورواية الترمذي هاهنا أوفق لكتاب الله عزَّ وجلَّ في تقديم الإيمان على الإسلام بدليل قوله عزَّ وجلَّ {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} [سورة الأنفال: ٢] الآيتين، قدم فيهما الإيمان على الإسلام. وقوله عزَّ وجلَّ {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (١) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: ١، ٢] فقدم ذكر الإيمان. وقوله {فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك} [سورة محمد: ١٩] و {سبح باسم ربك} [سورة الواقعة: ٧٤] فقدم التوحيد الذي هو من قبيل الإيمان، على الاستغفار والتسبيح الذي هو من قبيل الإسلام، لأنه اعتقاد، وهما عمل.

وقوله عزَّ وجلَّ {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: ١٧٧] الآية ذكر فيها الإيمان بأركانه قبل الإسلام بأعماله.


(أ) في أ، م ذلك.
(١) ينظر التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب الحنبلي ١/ ٨٨ - ٩٧.