للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلا هذه المرة" (١) وجبريل لم يعلمهم شيئًا، وإنما الذي علمهم بالحقيقة هو النبي - صلى الله عليه وسلم - لكن جبريل لما كان سؤاله سببا للتعلم من النبي - صلى الله عليه وسلم - نسب التعليم إليه مجازا من باب إطلاق اسم المُسَبَّبِ على السبب.

البحث التاسع: احتج الاتحادية والحلولية من هذا الحديث على مذهبهم بوجهين (أ):

أحدهما: أن جبريل - عليه السلام - روحاني وقد خلع في هذا الحديث صورة الروحانية وظهر بمظهر البشرية، مع أن جبريل أحد مخلوقات الله عزَّ وجلَّ، ولذلك كان يظهر في سورة دحية الكلبي فيعلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - مَلَكا، والناس حوله يعتقدونه بشرا.

قالوا: فالله عزَّ وجلَّ أقدر على الظهور في صورة الوجود الكلي أو بعضه، وبنحو هذا احتج ابن الفارض في نظم السلوك (٢).

الوجه الثاني: قوله عليه الصلاة والسلام: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" قالوا: هذا يدل على أنه عزَّ وجلَّ ماهية لطيفة في غاية اللطافة بحيث أنه يَرَى


(أ) في م من وجهين.
(١) رواه أحمد ٤/ ١٢٩، ١٦٤، من حديث عامر الأشعري. وصحَّح الحافظ ابن حجر سنده فتح الباري ١/ ١١٦.
(٢) هو عمر بن علي بن مرشد الحموي ثم المصري.
صاحب الاتحاد الذي قد ملأ به التائية، فإن لم يكن في تلك القصيدة الذي لا حيلة في وجوده فما في العالم زندقة ولا ضلال. أهـ سير أعلام النبلاء ٢٢/ ٣٦٨ ونظم السلوك هي قصيدته التائية الاتحادية في نحو ثمانمائة بيت تنعق بصريح الاتحاد.