هذا الحديث دينا وهو الإسلام والإيمان والإحسان بقوله:"إنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم" وإنما علمهم هذه الثلاثة فمجموعها هو الدين، لكن هذا معارض لقوله عزَّ وجلَّ {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}[سورة المائدة: ٣] إذ يقتضي أن الدين هو الإسلام وحده، وهو جزء الدين المذكور في حديث جبريل.
وهذا سؤال أوردته في درس بعض الفضلاء فلم يحصل عنه ما يشفي.
والذي أستحضره الآن في الجواب عنه: أن الدين لفط يطلق على الثلاثة التي سأل عنها جبريل، وعلى الأول منها وحده، وإطلاقه على هذين المعنيين إما بالاشتراك، أو بالحقيقة والمجاز، أو بالتواطئ أو غير ذلك، ففي الحديث أطلق الدين على مجموع الثلاثة، وهو أحد مدلوليه، وفي الآية أطلق على الإسلام وحده وهو مسماه الآخر.
ويحتمل أن يقال في الجواب: إن قوله عزَّ وجلَّ {ورضيت لكم الإسلام دينا} لا عموم فيه لأن دينا نكرة لا عموم لها، وهي نصب على التمييز، والتقدير رضيت لكم الإسلام من الدين، والمتيقن من ذلك أن الإسلام بعض الدين لا كله، وهو موافق للحديث لأن الإسلام فيه بعض الدين وهو ثلثه، خصلة من ثلاث خصال، وهي الإسلام والايمان والإحسان، لكن هذا الجواب يعارضه قوله عزَّ وجلَّ {إن الدين عند الله الإسلام}[سورة آل عمران: ١٩] وقوله عزَّ وجلَّ {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه}[سورة آل عمران: ٨٥] فإنه يقتضي أن الإسلام جميع الدين، لا بعضه والأقرب هو الجواب الأول.