للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البحث الخامس: قوله: "يؤمر بأربع كلمات" أي: بكتابة أربعة أشياء من أحوال الجنين، رزقه قليلا أو كثيرا، حراما أو حلالا، من أي جهة هو ونحو ذلك، وأجله طويل أو قصير، وعمله صالح أو فاسد، وشقي في الآخرة أو سعيد.

قوله: "فيسبق عليه الكتاب" أي: حكم الكتاب الذي كتب له في بطن أمِّه مستندا إلى سابق العلم الأزلي فيه "فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها" يعني بحكم القدر الجاري عليه المستند إلى خلق الدواعي والصوارف في قلبه إلى ما يصدر عنه من أفعال الخير والشر، فمن سبقت له السعادة صرف الله قلبه إلى خير يختم له به، ومن سبقت له الشقاوة صرف الله عزَّ وجلَّ قلبه إلى شرٍّ يختم له به.

وفي بعض روايات هذا الحديث "وإنما الأعمال بالخواتيم، والأعمال بخواتيمها" (١) وفي حديث آخر "اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من كان من أهل السعادة فييسَّرُ لعمل أهل السعادة، وأما من كان من أهل الشقاوة فييسَّرُ لعمل أهل الشقاوة" (٢) وهذا أيضًا إشارة إلى تصريف الإنسان في أفعاله إلى ما يراد منه بحسب القدر الجاري عليه المستند إلى سابق العلم فيه بحسب خلق الدواعي والصوارف فيه المشار إليه بقول النبي عليه الصلاة والسلام: "قلوب الخلق بين أصبعين من أصابع الله يقلبها كيف


(١) لم يأت في حديث ابن مسعود، وإنما جاء في حديث سهل بن سعد الذي أخرجه الإمام أحمد ٥/ ٣٣٥.
(٢) رواه البخاري ٤/ ١٨٩١ ومسلم ٤/ ٢٠٣٩ من حديث علي.