للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

كان مُشَرِّعًا، فهو تارة يترك الشيء تورعا لئلا ينهمك الناس في الشبهات، وتارة يفعل الشيء توسيعا (أ) لئلا يَحْرَجَ الناسُ بضيق مجال الشهوات.

والثاني: من يواقع الشبهات فذلك يعرض دينه للنقص وعِرْضَه للمضغ، ثم تفضي به مواقعة (ب) الشبهات إلى مواقعة المحظورات بالتدريج والتسامح ولذلك أمثلة:

أحدهما: ما ضربه النبي - صلى الله عليه وسلم - مثلًا لذلك وهو الراعي يرعى حول الحمى وهو المرعى الممنوع منه، فيوشك، أي: يقرب أن يرتع فيه لأن من قارب الشيء خالطه غالبا، ومنه {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: ١٨٧] نهى عن المقاربة حذرا من المواقعة.

وثانيها: يسير الخمر ليس محذورا في نفسه، وإنما حرم لئلا يتدرج منه إلى الكثير المحذور.

وثالثها: الخلوة بالأجنبية لا محذور فيه إلا كونه داعية بالتدريج إلى الوطء المحرم.

ورابعها: قبلة الصائم إذا حَرَّكت شهوته تكره لئلا يتدرج بها إلى الوطء المفسد للصوم.

وخامسها: في التدريج قوله عليه الصلاة والسلام: "لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده" (١) الحديث.


(أ) في أ، م توسعا.
(ب) في م مواقع.
(١) رواه البخاري ٦/ ٢٤٩٠ ومسلم ٣/ ١٣١٤ من حديث أبي هريرة.