علمه، وأحسن بسلفه ظنه لا تسع عن هذا الحرج صدره، وأعوذ بالله من الحمية في الدين.
ثم أنكر [هذا] الرجل ما حكي عن مالك، في أولياء المقتول إذا طلبوا الدية أن [للقاتل] أن يأبي ذلك وأنه ليس لهم إلا القتل، إلا أن يتفق معهم على ذلك.
قال: وهذا خلاف ظاهر القرآن والسنة، ثم لم يحك عن مالك غير هذا، وقد جهل هذا الرجل أن قول مالك قد اختلف في هذا.
فروى ابن القاسم ما ذكر، وروى أشهب عن مالك، أنه يجبر القاتل على غرم الدية، إذا طلب ذلك الولي.
ورواية ابن القاسم التي أنكر هذا الرجل أحج وأشبه بما دل عليه ظاهر القرآن، بقوله سبحانه:{كتب عليكم القصاص في القتلي}، وقال:{النفس بالنفس} فلم يجعل على القاتل غير القتل، فلا يلزمه غير ما ألزمه الله.
وأما قوله سبحانه:{فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان} فهذه الاية دليل أن العافي عن ذلك الشيء هو القاتل، وذلك أنه يترك شيئا من ماله ويترك له القود، ويتبع بالمال لأنه أخبر أن الذي عفي له هو الذي يتبع بالمعروف بقوله:{فمن عفي له} إلى قوله {فاتباع} يقول: فليتبع بالمعروف، فلو كان الذي عفي له هو القاتل، استحال أن يكون هو المتبع، لأنه هو المطلوب.