وأظن هذا الرجل لم يعلم أن الإيلاء اليمين، وإذا كان الإيلاء اليمين فكيف يحكي عن مالك، أنه قال: إذا آلى في أمته أنه لا يلزمه الإيلاء؟
فهذا قول غير محصل، وإنما لا يلزمه عند مالك ما يجب في الإيلاء للزوجة من ضرب الأجل، لحقها في طلب الوطء. ولا خلاف أنه لا حق للأمة في الوطء، فيضرب لها في يمين السيد على ذلك أجل. فإن كان هو يقول: إذا آلى ألا يطأ أمته، إنه لا إيلاء عليه، يعني لا يمين عليه تلزمه، فقد خرج من أقاويل العلماء.
وإن قال: تلزمه اليمين، ولا يضرب فيه أجل، فهو ما قلنا. وإن قال: إن الإيلاء المذكور في القرآن إنما عُنِي به الزوجاتُ في سياق الآية.
قلنا: هو كذلك، بدليل آخر الآية، بقوله سبحانه:{وإن عزموا الطلاق}، فدل أن أول نص الآية في الزوجات، ولكن كلمة الإيلاء في اللغة هي اليمين، على ما بينا.
فإن قال: فلم لا قلت في الظهار: إنما عني به الزوجات، بظاهر قوله:{يظاهرون من نسائهم} كما قال في الإيلاء: {يولون من نسائهم} فكان ذلك الحكم في ضرب الأجل مقصورا على الزوجات، دون ملك اليمين؟