للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

أصله: الرقبة في الكفارة، لأنه لو تصدق بقيمة العين لم يجزئه بالاتفاق. وأيضًا فلأنه حق وجب في مال مسلم لا يسقط العفو والإبراء، فلم يجز إخراج القيمة فيه اعتبارًا بالهدايا.

ولأنه لو أخرج في زكاة الفطر نصف صاع من غير قوت بلده قيمته صاع من قوت بلده لم يجزئه، لأنه إخراج زكاة بقيمة، كذلك في مسألتنا فإن قيل: إنما منعن هذا للربا، لأنه كأنه أبدل صاعًا بنصف صاع.

قلنا: لا مدخل للربا في هذا، بدلالة أنه لو أخرج صاعين بقيمة الصاع من قوت بلده لأجزأه وإن كان حكم الربا في الزيادة والنقصان واحدة.

ولأنه لو كان المنع لأجل الربا - على ما قالوه - لوجب إذا لزمه في إحدى وتسعين حقتان أن يجزئه إخراج ما خص قيمتها، لأنه لا ربا في الحيوان. فلما لم يجز ذلك بطل ما قالوه.

ويدل على ما قلناه أيضا أن إخراج القيمة عما وجب في المال من الزكاة كأنه شراء الصدقة بالقيمة، وذلك لا يجوز، لأن الصدقة وجبت للمساكين، وهذا المخرج ليس بقيم لهم ولا ولى عليهم، فلا يجوز له أن يتصرف فيما وجب عليه لهم بنقله إلى غير جنسه. ولا يدخل على شيء مما استدللنا به ما نقلوه من جواز إخراج الذهب عن الفضة والفضة عن الذهب، لأن ذلك ليس على طريق القيمة عندنا، وإنما هو بدل، لأن أحد الشيئين ينوب مناب الآخر ويسد مسده في اتفاق الغرض فيه، واستواء المنافع، وما له يراد كل واحد منهما، فإذا أخرج أحدهما كان كإخراج الآخر، ولم يكن كالقيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>