وقد بين في حديث آخر وهو قوله:"أدوا صاعًا من قمح أو صاعًا من شعير"؛ فوجب الرجوع فيما به يقع الغنى إلى ذلك.
وأما قوله: يأخذ منه شاتين أو عشرين درهمًا: فهذا الخبر لم يثبت عند أصحابنا، ولم يجوزوا الجبران في الزكاة، ومن يجوز ذلك فإنما يجوزه بدلاً لا قيمة؛ لأنه منصوص عليه.
وأما قول أبي بكر - رضي الله عنه -: "والله لو منعوني عقالاً مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لجاهدتهم عليه" فلا دلالة لهم فيه؛ لأن العقال صدقة عام، وليس المراد به مما يخرج بالقيمة؛ يبين ذلك قول الشاعر يذم مصدقًا كان عليهم:
سعى عقالاً فلم يترك له سبدا ... فكيف لو قد سعى عمرو عقالين
يريد أنه ولى علينا صدقة عام فأساء في المعاملة فكيف لو ولي صدقة عامين.
وقد قيل: إن أبا بكر أراد أخذ الناقة بعقالها.
وأيضًا فإن أبا بكر - رضي الله عنه - أخرج هذا القول مخرج التعظيم للقصة والتكثير على من منعه حربهم، وهو عليه التسامح بترك الأداء للزكاة، وأراد أن يبين أنه يستجيز حربهم على منع القليل والكثير مما كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فضرب المثل في التقليل بذلك. ومثل هذا