للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ثم جاءت آية أخرى في هذه السورة وهي عامة غير مختصة بمناسبة حيث قال تعالى: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (١) وقد اختتمت الآية بوصف الإنسان بالظلم والكفر بصيغة المبالغة، ولا شك أن وصف الظلم وصف ٌ محتمل - أعني للكفر ولما هو دونه من (وضع الشيء في غير موضعه) - (٢) وكذلك لفظ الكفر أيضًا محتمل فيحتمل المعنى الاصطلاحي بمعنى ما يناقض الإيمان كما يحتمل المعنى اللغوي بمعنى الكفران أي (ستر نعمة المُنعِم بالجحود) (٣) ويقارن الدكتور عبد الرحمن الميداني بين ختم هذه الآية بما سبق وبين ختم نظيرها في سورة النحل بأن الله غفور رحيم حيث قال تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (٤) فيقول ما حاصله أن تجاهل الناس عن بعض نعم الله تعالى وعدم مقابلتها بالشكر والعرفان يتسبب في رذيلتين هما استخدام النعمة في غير موضعها وهذا ظلم، وجحود النعم كلها أو بعضها مع تفاوت في نسبة هذا الجحود، فالمؤمنون العصاة من الناس يتصفون بمقدار من هاتين الرذيلتين لا يتعارض مع صحة الإيمان وأما


(١) سورة إبراهيم - ٣٤
(٢) التعريفات - الجرجاني - ١١٩
(٣) التعريفات - الجرجاني - ١٥٠
(٤) سورة النحل - آية ١٨

<<  <   >  >>