للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ يَكْتُبُ الكِتَابَ العِبْرَانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإِنْجِيلِ بِالعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاء اللهُ أَنْ يَكْتُبَ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ، فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ: يَا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى؟ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا، يَا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا حِينَ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ؟»، قَالَ وَرَقَةُ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ، وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا، ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ، وَفَتَرَ الوَحْيُ (١).

فوقوفها مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وتثبيتها له وتبشيرها من أعظم مواقف امرأة مع زوجها، مع الإحاطة والعلم بأن هذا كله وقع قبل إسلامها، وقد كافأها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإظهار هذه المواقف النبيلة، فكان -صلى الله عليه وسلم- يردد: «إِنَّهَا كَانَتْ، وَكَانَتْ، وَكَانَ لِي مِنْهَا وَلَدٌ» (٢)، و «إِنِّي رُزِقْتُ حُبَّهَا» (٣)، و «مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرًا مِنْهَا، قَدْ آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ بِي النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي بِمَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ» (٤).

وكان -صلى الله عليه وسلم- بعد وفاتها -رضي الله عنها- يذكر لها هذه الفضائل العظيمة حتى قالت


(١) صحيح البخاري برقم (٣)، وصحيح مسلم برقم (١٦٠).
(٢) صحيح البخاري برقم (٣٨١٨)، وصحيح مسلم برقم (٢٤٣٤) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٣) صحيح مسلم برقم (٢٤٣٥) من حديث عائشة -رضي الله عنها-.
(٤) مسند الإمام أحمد (٤١/ ٣٥٦) برقم (٢٤٨٦٤)، وقال محققوه: حديث صحيح من حديث عائشة -رضي الله عنها-.

<<  <   >  >>