دللنا على ذهابهم إلى القول به فلا بد من التوفيق وذلك بأن نصرف الروايات المانعة من القياس إلى بعض أنواعه وذلك حق لأن العمل بالقياس لا يجوز عندنا إلا بشرائط مخصوصة قلت هب أن الذين نقلنا عنهم المنع من القياس هم الذين دللتم على أنهم كانوا عاملين به إلا أنا نقلنا عنهم التصريح بالرد والمنع على الإطلاق من غير تقييد بصورة خاصة وانتم ما نقلتم عنهم التصريح بالقول بل رويتم عنهم أمورا ثم دللتم بوجوه دقيقة غامضة على إن تلك الأمور دالة على قولهم بالقياس ومعلوم أن التصريح بالرد أقوى مما ذكرتموه فكان قولنا راجحا سلمنا عدم الترجيح من هذا الوجه لكن كما أن التوفيق الذي ذكرتموه
ممكن فهاهنا توفيق آخر وهو أن يقال إن بعضهم كان قائلا بالقياس حين كان البعض الآخر منكرا له ثم لما انقلب المنكر مقرا انقلب المقر أيضا منكرا وعلى هذا التقدير يكون كل واحد منهم مادحا للقياس وذاما له من غير تناقض مع أنه لا يحصل الإجماع سلمنا أن بعض الصحابة قال بالقياس وأن أحدا منهم ما أظهر الإنكار فلم قلتم يحصل الإجماع