ثم قال: (وأوصيه، ثم أوصيه ثم أوصيه: بأن يبالغ في تربية ولدي " أبي بكر " فإن آثار الذكاء والفطنة ظاهرة عليه، ولعل الله - تعالى - يوصله إلى خير.
وأمرته وأمرت كل تلامذتي، وكل من لي عليه حق أني إذا مت يبالغون في إخفاء موتي، ولا يخبون أحدا به، ويكفنوني، ويدفنوني على شرط الشرع، ويحملونني إلى الجبل المصاقب لقرية " مزداخان " ويدفنوني هناك، وإذا وضعوني في اللحد قرأوا علي ما قدروا من إلهيات القرآن، ثم ينثرون التراب علي وبعد التمام يقولون: يا كريم جاءك الفقير المحتاج فأحسن إليه.
وهذا منتهى وصيتي في هذا الباب والله - تعالى - الفعال لما يشاء، وهو على ما يشاء قدير، وبالاحسان جدير) .
١٢ - وفاته: بعد أن لاقى - رحمه الله - في حياته الحافلة ما لاقى من أذى الخصوم - حط عصا الترحال في " هراة "، وسكن الدار التي كان قد أهداها له السلطان " خوارزم شاه " ولم يتركه خصومه يخلد إلى الراحة، بل استمروا يعملون للنيل منه حتى بلغ من فجور بعضهم في الخصومة: أنهم كانوا يرفعون إليه الرقع في مجالس درسه ووعظه وفيها: " أن ابنه يفسق ويزني، وأن امرأته كذلك ".
وكان - رحمه الله - يقابل ذلك بصبر العلماء، وحلم الحكماء، وجلد الاتقياء، ويجيب عن تلك الرقع بنحو قوله: " إن هذه الرقعة تتضمن أن ابني يفسق ويزني..وذلك مظنة الشباب فإنه شعبة من الجنون، ونرجو من الله - تعالى - اصلاحه والتوبة، وأما امرأتي فهذا شأن النساء